Tuesday, June 5, 2012

لدي حلم


لم يعش أي من الناس الذين غيروا مسار التاريخ حياة عادية، بل كانت حياتهم دومًا عامرة بالتحديات وبالمخاوف وفي الكثير من الأحيان كانت حياة حافلة بمعارضة الكثيرين. بل أن تلك المعارضة في بعض الأحيان بلغت حد قيام معارضيهم باغتيالهم، وهو ما حدث مع الكثير من الأسماء التي لا يتسع المكان ولا الزمان هنا لذكرها.
أحد هؤلاء العظماء الذين غيروا التاريخ كان مارتن لوثر كينج جونيور. وقد ولد في 15 يناير عام 1929 - و تعرض للاغتيال في 4 أبريل 1968. وهو زعيم أمريكي من أصول أفريقية، وكان أيضًا قس وناشط سياسي إنساني، ومن أبرز المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد بني جلدته على مر التاريخ. وقد حصل على جائزة نوبل للسلام في عام 1964 م، وكان أصغر من يحوز عليها، إذ كان يبلغ من العمر 35 سنة آنذاك، ولكنه اغتيل في الرابع من أبريل عام 1968.
في عام 1963 قام الأمريكون بمظاهرة لم يسبق لها مثيل في قوتها اشترك فيها 250 ألف شخص، والملفت للانتباه أنه على الرغم من أنها كانت مظاهرة للمطالبة بحقوق السود إلا أن من بين من شاركوا في المظاهرة كان هناك نحو 60 ألفا من البيض واتجهت المظاهرة صوب نصب لنيكولن التذكاري، وكانت تقريبًا أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية. وهنالك ألقى كينج أروع خطبه والتي اشتهرت بالكلمات "لدي حلم" " I have a dream " وقال فيها: " عندي حلم بأنه في يوم ما على تلال جورجيا الحمراء سيستطيع أبناء العبيد السابقين الجلوس مع أبناء أسياد العبيد السابقين معاً على منضدة الإخاء.... إنني أحلم اليوم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوما في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم".
ووصف كينج المتظاهرين كما لو كانوا قد اجتمعوا لاقتضاء دين مستحق لهم، ولم تف أمريكا بسداده وقال "فبدلا من أن تفي بشرف بما تعهدت به أعطت أمريكا الزنوج شيكا بدون رصيد، شيكا أعيد وقد كتب عليه "إن الرصيد لا يكفي لصرفه".
لا شك أن عيني مارتن لوثر كينج كانتا ستمتلئان بالدموع لو كان حيا في يوم تنصيب الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما مثلما اغروقت عيون الكثيرين من الأمريكيين السود في ذلك اليوم من هول الصدمة وعدم التصديق... فقد تحقق الحلم الذي جال بمخيلة أحد أعظم المدافعين عن حقوق السود عبر التاريخ ..
إن نار التغيير لن تشتعل إلا من خلال أعواد ثقاب الحالمين المجتمعة معًا، لتعينهم على السير عبر طريق التغيير الطويل عادة، والمضني كثيرًا...إنهم الحالمون المبادرون للتحرك نحو الأفضل حتى ولو كلفهم هذا حياتهم....
بينما كنت أتذكر حياة مارتن لوثر كينج وحلمه، اشتعلت في داخلي الكثير من الأحلام لبلدي التي أحبها، ولابنتي ولابني الذان اعتبرهما أغلى ما عندي...
لدي حلم أن يعيش ابني حياة سعيدة حين يكبر، وألا يضطر لأن يعمل في وظيفتين ليكسب رزقه ويوفر حياة كريمة لأسرته....
لدي حلم أن يتمكن ابني من قضاء وقت طويل مع عائلته بدلا من أن يقضى أغلب وقته سعيًا وراء الرزق في أرض الله الواسعة، تاركًا الأيام تربي أولاده...
 لدي حلم ألا تضطر ابنتي لكتابة ديانتها في بطاقتها الشخصية حين تكبر..
لدي حلم ألا تتعرض ابنتي لسوء المعاملة أو التمييز لأنها أنثى...
لدي حلم ألا تخاف ابنتي يوما ما من القبض عليها لأنها عبرت عن رأيها في قضية ما بحرية في مدونة يقرأها  من هم من نفس عمرها...
لدي حلم أن تمتليء بلدي بحرية الرأي والرأي الآخر بعيدًا عن مقصات الرقباء المشوشين ومصادراتهم التي لا ترى الأمور إلا من زاوية واحدة والتي تخاف السماح بفكر يخالفها خوفًا من عجزها عن الرد عليه بفكر مماثل على نفس المستوى من الكفاءة...
لدي حلم أن أرى تنسيق بين الجهات المختلفة في بلدنا والتي تعمل في ظل خطط فردية عشوائية دون تنسيق بين بعضها وبعض.
لدي حلم أن أرى الناس في شوارع بلادي سعداء يبتسمون ويشعرون براحة البال، بدلا من السير بوجوه مكفهرة وباكتاف متهدلة وعيون مكسورة، وقلوب تحمل هموم الدنيا والآخرة...
لدي حلم أن يتمكن أي مواطن من بني بلدي من تغيير دينه من أي دين لآخر دون أن تقوم الدنيا ولا تقعد...
لدي حلم أن تقوم على أيدي مثقفي مصر موجة جديدة من الحراك الفكري الاجتماعي لتفرض على مجتمعنا قيم جديدة مبنية على الحرية والعدل والمساواة

لدي حلم أن أصبح في يوم من الأيام – حبذا لو كان في أثناء حياتي- مثل مارتن لوثر كينج: رجل تحققت أحلامه

No comments:

Post a Comment