Friday, January 4, 2013

مصر.. أين وإلى أين؟

كل سنة وأنتم طيبون وبألف خير. بدأ الكاتب الشهير هيكل مجموعة من اللقاءات مع لميس الحديدي على CBC بعنوان مصر أين وإلى أين؟ والحقيقة إن هذا هو السؤال الذي يدور بخلد الكثيرين اليوم.
نعم هو سؤال يجول بخلد المسيحيين والمسلمين.. البسطاء والأغنياء... الذين يدمنون على السياسة والذين لا يفقهون فيها شيئًا.
قال لي النجار الذي أتى لعمل بعض الامور في بيتنا منذ عدة أيام: "والله يا أستاذ أنا مش فاهم ايه اللي بيحصل في البلد دي.. لكن الحاجة اللي أنا متأكد إني فاهمها إننا ولينا أمورنا لواحد أحمق... " ابتسمت ولم أعلق. رغم أنني لا أعتقد أن الرئيس أحمق لأنه أستاذ في هندسة الصوارخ من واحدة من الجامعات المرموقة ولأنه عمل في هيئة ناسا، وهي كبرى هيئات العالم بلا منازع في مجال الفضاء، إلا أن تعليق الرجل لا يمكن إلا أن يعكس شعور المواطن العادي.
لازم نفهم بعض الأمور:
1- الأغلبية فعلا قالت نعم رغم إن الاستفتاء كان في تزوير كتير- لكن نسبة التزوير لن تتعدى 15 %. للأسف مازال لدي التيارات التي تعرف بالتيارات الإسلامية قدرة على تحريك نسبة ضخمة من الشعب، سواء كان بالمتاجرة بالدين، أو بالزيت والسكر.
2- لازم نعترف كمان إن النخب مثل قادة جبهة الإنقاذ على الرغم من شعبيتهم إلا أنه مازال أمامهم الكثير ليتمكنوا من نقل أفكارهم الحالمة إلى الشارع.
3- وثالثا لازم نعرف إن الجيش سيظل محايد لفترة ليست بقليلة ولن يتحرك بسرعة كما يعتقد أو يتمنى البعض. 
أربعة مقالات كتبت في الفترة الماضية في بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية الأكثر شعبية في الشئون السياسية سجلت في رأيي أبرز ملامح تحليل أين نحن وإلى أين نحن ذاهبون.
أولا: الصراع السياسي إلى أين؟
وقد كتبه ضياء رشوان في المصري اليوم في 22\ 12\ 2012. مقال يستحق القراءة لأنه يلخص ما سيحدث. يقول بالنص"أن البلاد كلها سوف تدفع أثماناً غالية، بسبب هذه الهرولة لإنهاء وإحكام السيطرة على مصر من جانب الجماعة وحزبها، فإقرار الدستور بهذه الطريقة وفى هذه الظروف سوف يدفع إلى نوعين من ردود الأفعال التى يعتبر كل واحد منها كفيلاً بزعزعة الاستقرار والأمن.
أما النوع الثانى من ردود الأفعال على إقرار الدستور فسيكون هو الأكثر خطورة وربما الأقل توقعاً. فمصدر هذه الردود سيكون على الأرجح هو القوى الإسلامية السلفية، خاصة الأكثر تشدداً منها، والتى تحالفت مع الإخوان المسلمين فى الجمعية التأسيسية وفى السعى لإقرار الدستور، والتى ستتوقع تحقيق مطالبها بتطبيق رؤيتها للشريعة الإسلامية فور إقراره. فهذه القوى سوف تتحول فى هذه اللحظة نحو الرئيس مرسى وحكومته وجماعته لكى تطالبهم بتنفيذ ما تتوقعه هذه القوى من تحويل النصوص الدستورية المتعلقة بالشريعة الإسلامية، خاصة المادتين «٢» و«٢١٩»، إلى تشريعات قانونية وقرارات تنفيذية وأحكام قضائية دون أى إبطاء. ومن الواضح بل والمؤكد أن قدرة الرئيس والحكم الحالى فى البلاد ومن ورائهم جماعة الإخوان وحزبها لن تكون بمقدرتهم الاستجابة الفورية لهذه المطالب، "
النوع الأول متوقع ومعروف من معارضى الاستفتاء والدستور وطريقة حكم الرئيس مرسى وجماعة الإخوان للبلاد، وستكون هذه هى المرة الأولى الأخطر فى التاريخ المصرى الحديث التى يرفض فيها نحو نصف المجتمع أساس الحكم والحقوق والواجبات فى البلاد، أى الدستور، الأمر الذى ينذر بموجات متعاقبة كبيرة من الرفض والمعارضة لكل ما سوف يترتب على الدستور من تشريعات وقرارات وسياسات سيتخذها الرئيس والحكومة ومن ورائهما جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة. وسوف يكون شبه مؤكد أن تزداد حدة هذه الموجات الرافضة، بسبب الشكوك التى حامت ولاتزال حول نزاهة الاستفتاء على الدستور، والتى قد يراها البعض أساساً منطقياً لرفضه كاملاً، استناداً لقاعدة «إن ما بنى على باطل فهو باطل».

ثانيا: الجيش إلى أين؟
وقد نشر على موقع الجزيرة الإلكتروني وتحدث فيه عن الدور الذي يلعبه الجيش في الوقت الحالي وعن الأمور التي يمكن أن تحركه وفي حديثه عن مسوغات تدخل الجيش في الحياة السياسية يقول بالنص "من بين معطيات شتى تمهد السبيل لتدخل الجيوش في السياسة والحياة المدنية، ثمة معطيان يتوفران في الحالة المصرية هذه الأيام هما: عجز القوى المدنية وانقسامها، وتوفر الطلب الشعبي على هذا التدخل."
كما يضيف "عن المعطى الثاني المتمثل في المطلب الشعبي، فقد ظهر جليا في لجوء أطراف الأزمة الدستورية الراهنة إلى القوات المسلحة بوصفها العنصر الأكثر تماسكا وتنظيما وفاعلية، بما يجعل منها خط الدفاع الأخير."
كلام عبد الفتاح عن الجيش شامل ورائع ويوضح بالفعل أين هو من الفترة القادمة..

ثالثا: جماعة الإخوان إلى أين؟
وربما لا يكون هناك من هم أكثر خبرة بمسارات الإخوان المستقبلية وجماعتهم إلا الإخوان السابقين كالخرباي والهلباوي ونوح وغيرهم، ولهذا حديث آخر، وأيضًا د. سعد الدين إبراهيم وهو إخواني سابق أيضًا رغم أن الكثيرين لا يعرفون هذا. 
يقول د. سعد الدين في جزء من الحوار... 
"لا أتوقع نشوب حرب أهلية؛ فالمصريون ليسوا أصحاب تاريخ فى الحروب الأهلية، سيكون هناك جدل مستمر، وهذا سيصنع ضغطا كبيرا على جماعة الإخوان المسلمين، ونتيجة هذا الضغط سيكون أمام الإخوان حلان لا ثالث لهما: إما إعادة التفكير فى أساليبهم وممارساتهم السياسية تحسبا للخطوات المقبلة، وإما سيكونون جاهزين لفتح باب الصراع على مصرعيه مع باقى طوائف المجتمع التى لا تؤيدهم، وهنا يجب أن نقول إن المصريين كسروا جدار الخوف لأول مرة من 6000 سنة.
* أى الحلّين أقرب إلى التطبيق وفقاً لفكر الجماعة؟
- أتوقع بطبيعة الحال الحل الثانى، وهو دخولهم فى صراع مع المجتمع، فهم يريدون البقاء فى السلطة لأكبر مدة ممكنة، وبأقل قدر من التوتر، لكن هذا لن يحدث، وهم لن يتركوا السلطة التى كانت حلمهم لمدة 84 سنة.
* هل سيقود هذا التعنت إلى ثورة جديدة؟
- وارد جداً، الإخوان لو لم يخرجوا بشكل سلمى، سيخرجون بثورة جديدة، والمصريون أصبحوا مسيسين، وهذا سيحدث لو مس الإخوان أمرين، لقمة العيش، والتدخل الفظ فى أسلوب الحياة اليومية للمصريين."
لا شك أن كل هذا يعطينا مؤشرات على البوصلة التي توجه الأمور.
رابعًا وأخيرا: تطبيق الشريعة إلى أين؟
وبما إني لست مسلما ولا فقيها فأود لفت الأنظار لمقال مبهر للشيخ مصطفى راشد نشر في المصري اليوم يوم الأربعاء 26\ 12\ 2012. يحكي فيه بسخرية مريرة عن "عبقرية" المادة 219 في الدستور العجيب الذي صار يحكمنا.. يقول الشيخ مصطفى "مافعله العبقرى واضع المادة 219 هو أنه قد جمع كل الأراء والمذاهب المتناقضة لتكون مرجع للمشرع والقاضى ولمؤسسات الدولة ولأن القواعد الأصولية والفقهية ، ومذاهب أهل السنة والجماعة ، متضاربة ومختلفة فيما بينها ،وهى بالألاف ، فبأى منهم سيلتزم المشرع ، أو القاضى ، أو المسؤل بأى مؤسسة، أو وزير . فهل الدستور يوضع لتشتيت الناس وتضارب المؤسسات ، فيكون سببا فى تفتيت وهدم الدولة، والقضاء على دولة القانون ، والعودة لدولة القبيلة ويتحزب كل فريق لحزبه ومذهبه ، ثم ماذا يفعل القاضى لو كان ينتمى للمذهب الحنبلى مثلا ، و الخصوم أحدهما للمذهب المالكى ، والأخر للمذهب الشافعى، والثالث للمذهب الحنفى، فبأى مذهب سيلتزم القاضى، أم يتخيل العبقرى واضع المادة 219 أن كل البشر ينتمون لمذهب واحد."
الله لنا...
النضال مستمر...
نحن لا نستسلم.....ننتصر أو نموت...